الأحد، 13 نوفمبر 2016

اهمية الببليوغرافيا و انواعها


4- البيبليوغرافيا أهميتها وأنواعها:

أ-أهميتها :
يقول ابن خلدون :"وإما الكتابة وما يتبعها من الوراقة فهي حافظة على الانسان حاجته ومقيـٌدة لها عن النسيان ومبلغة ضمائر النفس إلى البعيد الغائب ومخلدة نتائج الأفكار والعلوم في الصحف ورافعة رتب الوجود للمعاني"[74] .

من الواضح أن ابن خلدون لم يكن يتحدث عن البيبليوغرافيا بمفهومها المتداول الآن ، لكنه يشير بحصافة ذهنه إلى أهمية قريبة من هذا النوع ، وهي الكتابة والوراقة والتي كان الاشتغال بها يعني الضبط والجمع والحفظ والترتيب والنسخ بهدف الحفظ والتبليغ وتخليد الأعمال الفكرية ونقلها إلى الأجيال وتسهيل الاطلاع عليها ، وهذا يقترب مما تصبو اليه البيبليوغرافي التي تهدف كعلم إلى "معرفة النصوص المطبوعة لكل زمان ومكان وتوفير معلومات هائلة ، والتي لا يستغني عنها أي باحث"[75] . كما يمكن هذا العلم ، بفضل المعطيات التي يوفرها وأنظمة التصنيف والتبويب ، من مقارنة الأنشطة الفكرية لكل العصور والأمكنة " فهو يخبرنا عن حال اللحظة مثلما يخبرنا عن تطور الأذواق والذهنيات"[76].وهو المبتدأ والمنتهى ، هو المبتدأ لأنه يقدم للباحث والقارئ أيضا عرضا شاملا للمطبوعات التي ظهرت في كثير من نواحي المعرفة الانسانية ، ومعلومات عن محتويات هذه المطبوعات ، مع اختصار الوقت وتيسير الإفادة [77]. بل إن القيام بإي بحث يستحيل دون استحضار مجموعة من المصادر التي تسهل البيبليوغرافيا الاطلاع أو الحصول عليها ، ولا يمكن القيام بأولى الخطوات دون اعتماد المصادر البيبليوغرافية ، ف"البحث العلمي يبدأ بالببليوغرافيا وينتهي بالببليوغرافيا … يبدأ بتجميع ببليوغرافية البحث ، وهو أيضا عندما ينتهي من بحثه .. عليه أن ينظم المصادر التي اعتمد عليها… والانتاج الفكري لا يمكن دراسته إلا إذا كان مجموعا في صورة ببليوغرافيات"[78] . و"تقدم البحث العلمي داخل أي ميدان من ميادين العلوم الإنسانية لا يمكن أن يتقدم في غياب العمل البيبليوغرافي"[79] وقيمة العمل البيبليوغرافي " لا تكمن فقط في تسهيل عملية البحث عن المراجع ، وإنما أيضا في توفير المادة الأساسية للقيام بدراسات مدققة"[80]أما مع تطور الوسائل المعلوماتية وتكاثر الانتاجات والتقدم السريع على جميع الأصعدة ، وسرعة انتقال المعلومات وتداولها ، فإنه لا مجال للحديث عن أهمية البيبليوغرافيا، لأن ذلك سيكون من باب الحديث المتجاوز، ويبقى الفعل هنا أصدق من القول. ولو أن أجدادنا القريبين انتبهوا للأمر لما كنا نجهل الكثير عما جادت به أقلامهم ، ولما كنا في حاجة إلى كل هذا الجهد والوقت في زمن يعز فيه الزمن.

ويمكن تلخيص أهمية البيبليوغرافيا في النقط التالية:

- معرفة النصوص المطبوعة لكل زمان ومكان وتوفير المعلومات في كل نواحي المعرفة الإنسانية.

-تهئ المادة وتيسير طرق الوصول إليها ، والتعريف بأماكن المطبوعات ومضامينها وطبعاته…إلخ

-توفير المادة الأساسية للقيام بدراسات.

-حفظ الانتاج الفكري وتصنيفه وتوثيقه والتعرف به .

- التمكين من التعرف على مظاهر تطورثقافة مجتمع ما ، لأن الثقافة مرآة المجتمع.

- نشر الإنتاج الفكري على أوسع نطاق…



ب- أنواعها:

يمكن تشبيه البيبليوغرافيا بشجرة ، يمتح جذعها بواسطة الجذور من كل المعارف ، ثم تتفرع منه الفروع وتتشابك ، وكل فرع يتفرع إلى فروع أخرى وهكذا دواليك ، إلى درجة أصبحت معها الأنواع غير قابلة للتحديد ، لكن مع ذلك يمكن تجميعها ، في نوعين رئيسيين ، منهما تتفرع باقي الأنواع أو تندرج ضمنهما وهما :

1- البيبليوغرافيا التحليلية النقدية أو التحليلية النصية أو الوصفية.

2- البيبليوغرافيا النسقية الحصرية .

1- البيبليوغرافيا التحليلية: وهي "الدراسات المادية التي تعتمد على الفحص العلمي الدقيق للكتاب من أجل التعرف على الحقائق المتصلة بتأليفه ونشره وتوضيح العلاقات النصية له ، إذا كان له أكثر من طبعة واحدة أو نسخ مختلفة."[81] وهي إما تتناول الوصف المادي للكتب المدرجة بها أو "الدراسة التفصيلية للشكل المادي للكتاب"[82] ، وهو علم يكاد يكون مستقلا ، يهدف إلى فحص الكتب كموضوعات مادية ملموسة لاكتشاف "تفاصيل إعدادها وصناعتها وتحليل تأثير عملية إنتاجها على المظهر المادي لأي نسخة من الكتاب"[83]، ويطلق عليها : البيبليوغرافيا الوصفية التحليلية. وإما تذهب أبعد من ذلك ، فتتناول مضامين الكتب ونقدا لها، وتسمى بـ"البيبليوغرافيا النصية أو النقدية.

2-الببليوغرافيا الحصرية النسقية : وهي تعرف على أنها "قوائم جيدة التنظيم"[84] تخضع لما يسمى بأسس التجميع كالزمان (عصر، فترة زمنية…) ، والمكان (إقليم ، جهة، قطر، مجموعة أقطار…) ، والشكل (كتب، دوريات، مقالات، أشرطة ، أقراص…)، والموضوع (إنتاج أدبي معين، ، فنون، علوم…)، ويمكن الجمع بين مجموعة من الأسس. أي أن هناك اختيارا وحصرا لما يدرج ضمنها، وتخضع لنسق ونظام معين في ترتيب المادة التي تتناولها.

ورغم الاختلاف الموجود بين المهتمين في حصر هذا النوع من البيبليوغرافيا وتحديد تعاريف لها ، فإنه غالبا ما تجمع في فئتين عريضتين ، مع عدم الاتفاق على التحديدات، هاتين الفئتين ، هما:

أ-البيبليوغرافيا العامة: وتتضمن:

- البيبليوغرافيات العالمية، ومن المؤسسات العالمية التي ترمي إلى تحقيق هذا الهدف، والتي تسجل كل الكتب المنشورة في العالم :"المتحف البريطاني"-"مكتبة الكونجرس الأمريكي"-"المكتبة الوطنية" بباريس-"مكتبة لينين" بموسكو…

- بيبليوغرافيات المجموعات اللغوية: من مثل ما تقوم به المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة ، التابعة للجامعة العربية.

- البيبليوغرافيات الوطنية، مثل فهارس المكتبات الوطنية كالخزانة العامة بالرباط، والكتاب المغربي الذي تصدره الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر..

- البيبليوغرافيات التجارية : وهي التي تصدرها دور النشر ومن أمثلة ذلك "يصدر بالمغرب" للجمعية المغربية لمحترفي الكتاب...إلخ.

ب-البيبليوغرافيا المتخصصة أو المحددة: وتشمل :

- البيليوغرافيا الموضوعية.

- بيبليوغرافيات الأشكال الأدبية.

- البيو-بيبليوغرافيا.

- بيبليوغرافيات البيبليوغرافيات…إلخ.



هناك 4 تعليقات: